responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 8  صفحه : 279
الشَّاهِدَ هُوَ الَّذِي يُبَيِّنُ صِدْقَ الدَّعْوَى الْخَامِسُ: فَاشْهَدُوا أَيْ فَاسْتَيْقِنُوا مَا قَرَّرْتُهُ عَلَيْكُمْ مِنْ هَذَا الْمِيثَاقِ، وَكُونُوا فِيهِ كَالْمُشَاهِدِ لِلشَّيْءِ الْمُعَايِنِ لَهُ السَّادِسُ: إِذَا قُلْنَا إِنَّ أَخْذَ الْمِيثَاقِ كَانَ مِنَ الْأُمَمِ فَقَوْلُهُ فَاشْهَدُوا خِطَابٌ لِلْأَنْبِيَاءِ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ بِأَنْ يَكُونُوا شَاهِدِينَ عَلَيْهِمْ.
وَأَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى: وَأَنَا مَعَكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ فَهُوَ لِلتَّأْكِيدِ وَتَقْوِيَةِ الْإِلْزَامِ، وَفِيهِ فَائِدَةٌ أُخْرَى وَهِيَ أَنَّهُ تَعَالَى وَإِنْ أَشْهَدَ غَيْرَهُ، فَلَيْسَ مُحْتَاجًا إِلَى ذَلِكَ الْإِشْهَادِ، لِأَنَّهُ تَعَالَى لَا يَخْفَى عَلَيْهِ خَافِيَةٌ لَكِنْ/ لِضَرْبٍ مِنَ الْمَصْلَحَةِ لِأَنَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى، ثُمَّ إِنَّهُ تَعَالَى ضَمَّ إِلَيْهِ تَأْكِيدًا آخَرَ فَقَالَ: فَمَنْ تَوَلَّى بَعْدَ ذلِكَ فَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ يَعْنِي مَنْ أَعْرَضَ عَنِ الْإِيمَانِ بِهَذَا الرَّسُولِ وَبِنُصْرَتِهِ بَعْدَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ هَذِهِ الدَّلَائِلِ كَانَ مِنَ الْفَاسِقِينَ وَوَعِيدُ الْفَاسِقِ مَعْلُومٌ، وَقَوْلُهُ فَمَنْ تَوَلَّى بَعْدَ ذلِكَ هَذَا شَرْطٌ، وَالْفِعْلُ الْمَاضِي يَنْقَلِبُ مُسْتَقْبَلًا فِي الشَّرْطِ وَالْجَزَاءِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

[سورة آل عمران (3) : آية 83]
أَفَغَيْرَ دِينِ اللَّهِ يَبْغُونَ وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ طَوْعاً وَكَرْهاً وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ (83)
اعْلَمْ أَنَّهُ تَعَالَى لَمَّا بَيَّنَ فِي الْآيَةِ الْأُولَى أَنَّ الْإِيمَانَ بِمُحَمَّدٍ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ شَرْعٌ شَرَعَهُ اللَّهُ وَأَوْجَبَهُ عَلَى جَمِيعِ مَنْ مَضَى مِنَ الْأَنْبِيَاءِ وَالْأُمَمِ، لَزِمَ أَنَّ كُلَّ مَنْ كَرِهَ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يَكُونُ طَالِبًا دِينًا غَيْرَ دِينِ اللَّهِ، فَلِهَذَا قَالَ بَعْدَهُ أَفَغَيْرَ دِينِ اللَّهِ يَبْغُونَ وَفِي الْآيَةِ مَسَائِلُ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: قَرَأَ حَفْصٌ عَنْ عَاصِمٍ يَبْغُونَ ويُرْجَعُونَ بِالْيَاءِ الْمُنَقَّطَةِ مِنْ تَحْتِهَا، لِوَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا:
رَدًّا لِهَذَا إِلَى قَوْلِهِ وَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ [آلِ عِمْرَانَ: 82] وَالثَّانِي: أَنَّهُ تَعَالَى إِنَّمَا ذَكَرَ حِكَايَةَ أَخْذِ الْمِيثَاقِ حَتَّى يُبَيِّنَ أَنَّ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى يَلْزَمُهُمُ الْإِيمَانُ بِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمَّا أَصَرُّوا عَلَى كُفْرِهِمْ قَالَ عَلَى جِهَةِ الِاسْتِنْكَارِ أَفَغَيْرَ دِينِ اللَّهِ يَبْغُونَ وَقَرَأَ أَبُو عَمْرٍو تَبْغُونَ بِالتَّاءِ خِطَابًا لِلْيَهُودِ وَغَيْرِهِمْ مِنَ الكافر ويُرْجَعُونَ بِالْيَاءِ لِيَرْجِعَ إِلَى جَمِيعِ الْمُكَلَّفِينَ الْمَذْكُورِينَ فِي قَوْلِهِ وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَقَرَأَ الْبَاقُونَ فِيهِمَا بِالتَّاءِ عَلَى الْخِطَابِ، لِأَنَّ ما قبله خطاب كقوله أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ [آل عمران: 81] وأيضاً فلا يبعد أن يقال للمسلم والكفار وَلِكُلِّ أَحَدٍ:
أَفَغَيْرَ دِينِ اللَّهِ تَبْغُونَ مَعَ علمكم بأنه أسلم له من في السموات وَالْأَرْضِ، وَأَنَّ مَرْجِعَكُمْ إِلَيْهِ وَهُوَ كَقَوْلِهِ وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ وَأَنْتُمْ تُتْلى عَلَيْكُمْ آياتُ اللَّهِ وَفِيكُمْ رَسُولُهُ [آلِ عِمْرَانَ: 101] .
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: الْهَمْزَةُ لِلِاسْتِفْهَامِ وَالْمُرَادُ اسْتِنْكَارُ أَنْ يَفْعَلُوا ذَلِكَ أَوْ تَقْرِيرُ أَنَّهُمْ يَفْعَلُونَهُ، وَمَوْضِعُ الْهَمْزَةِ هُوَ لَفْظَةُ يَبْغُونَ تَقْدِيرُهُ: أَيَبْغُونَ غَيْرَ دِينِ اللَّهِ؟ لِأَنَّ الِاسْتِفْهَامَ إِنَّمَا يَكُونُ عَنِ الْأَفْعَالِ وَالْحَوَادِثِ، إِلَّا أَنَّهُ تعالى قدم المفعول الذي هو فَغَيْرَ دِينِ اللَّهِ عَلَى فِعْلِهِ، لِأَنَّهُ أَهَمُّ مِنْ حَيْثُ إِنَّ الْإِنْكَارَ الَّذِي هُوَ مَعْنَى الْهَمْزَةِ مُتَوَجِّهٌ إِلَى الْمَعْبُودِ الْبَاطِلِ وَأَمَّا الْفَاءُ فَلِعَطْفِ جُمْلَةٍ عَلَى جُمْلَةٍ وَفِيهِ وَجْهَانِ أَحَدُهُمَا: التَّقْدِيرُ: فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ، فَغَيْرَ دِينِ اللَّهِ يَبْغُونَ.
واعلم أنه لو قيل أو غير دِينِ اللَّهِ يَبْغُونَ جَازَ إِلَّا أَنَّ فِي الْفَاءِ فَائِدَةً زَائِدَةً كَأَنَّهُ قِيلَ: أَفَبَعْدَ أَخْذِ هَذَا الْمِيثَاقِ الْمُؤَكَّدِ بِهَذِهِ التَّأْكِيدَاتِ الْبَلِيغَةِ تَبْغُونَ؟.
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ:
رُوِيَ أَنَّ فَرِيقَيْنِ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ اخْتَصَمُوا إِلَى الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنْ دِينِ إِبْرَاهِيمَ

نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 8  صفحه : 279
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست